کد مطلب:240869
شنبه 1 فروردين 1394
آمار بازدید:237
اذا أحسن استبشر، و إذا أساء استغفر
روی الصدوق بإسناده إلی إبراهیم بن أبی محمود قال قال الرضا - علیه السلام -: «المؤمن إذا أحسن استبشر، و إذا أساء استغفر، و المسلم: الذی یسلم المسلمون من لسانه و یده، و لیس منا من لم یأمن جاره بوائقه» [1] .
«المؤمن» من أسماء الله عزوجل قال تعالی اسمه: «هو الله الذی لاإله إلا هو الملك القدوس السلم المؤمن المهیمن العزیز الجبار المتكبر...». [2] سماه باسمه تعالی تشریفا له، و ان المؤمن له تفسیران: التصدیق القلبی و الاعتقاد المعقود علیه؛ و هذا لایجوز علیه عزوجل. نعم من أسمائه المباركة «المصدق» أی یعلم صدق المعصوم أو القرآن أو أی شی ء كان موضع تصدیقه جل جلاله.
و التفسیر الآخر إعطاء الأمن و الأمان و منه المؤمن فی الآیة لاشتقاقه من الأمن كما عن علی بن إبراهیم القمی فی تفسیره قال: یؤمن أولیاءه من العذاب [3] .
و قال الفیض الكاشانی: «المؤمن» واهب الأمن، [4] و قد جاء اسم الله المؤمن فی دعاء الجوشن الكبیر: «اللهم إنی اسئلك باسمك یا مؤمن یا مهیمن...» [5] و المرادبه اما التصدیق، أو واهب الأمن و كلاهما جائز.
و لامانع فی انطباق التفسیرین علی المخلوق لجواز الاعتقاد القلبی و إعطاء الأمان منه لمثله بمعناه الممكن و قد ندب إلی التخلق بأخلاق الله عزوجل التی منها إعطاء الأمن لمن یجدر بذلك.
و إذا دریت ما ذكر فلنعد الی الحدیث الرضوی: و قد اشتمل علی وصف المؤمن و المسلم و هل هما من الخاص و العام؟
روی الكلینی بإسناده المعتبر إلی الصادق علیه السلام قال: «الإیمان یشارك
[ صفحه 29]
الإسلام، و الإسلام لایشارك الإیمان» [6] .
و فی الصادقی الآخر: «... الإسلام: شهادة أن لا إله إلا الله و التصدیق برسول الله صلی الله علیه و آله به حقنت الدماء و علیه جرت المناكح و المواریث و علی ظاهره جماعة الناس، و الإیمان الهدی و ما یثبت فی القلوب من صفة الإسلام و ما ظهر من العمل به، و الأرفع من الإسلام بدرجة؛ إن الإیمان یشارك الإسلام فی الظاهر، و الإسلام لایشارك الایمان فی الباطن و إن اجتمعا فی القول و الصفة». [7] .
دل الحدیثان علی أن الإیمان أخص من الإسلام و أرفع منه درجة و حدیث الباقر علیه السلام صریح فی ذلك قال: «... و سأضرب لك مثلا تعقل به فضل الإیمان علی الإسلام، أرأیت لوأبصرت رجلا فی المسجد أكنت تشهد أنك رأیته فی الكعبة؟ قلت: لایجوز لی ذلك، قال: فلوأ بصرت رجلا؛ فی الكعبة أكنت شاهدا أنه قد دخل المسجد الحرام؟ قلت: نعم، قال كیف ذلك؟ قلت: إنه لایصل إلی دخول الكعبة حتی یدخل المسجد، فقال: قد أصبت و أحسنت، ثم قال، كذلك الإیمان و السلام» [8] .
ذكرنا الأحادیث الثلاثة و قس علیها ما سواها مما تنص علی الفرق بینهما و لسنا یصدد بیان ذلك كله.
قوله علیه السلام: «إذا أحسن استبشر...» الاستبشار عند الإحسان و الاستغفار عند الإساءة من كرائم الخصال و معنی استبشار المؤمن عند الإحسان شكره علی أداء الحق و أنه وفق لذلك و لیس معناه العجب و الفرح و الطیش الممقوت بل انشراحه بقیامه و جریان ذلك علی یده، و أما الاستغفار عند الإساءة فدلیل علی رقة قلبه و له نفس لوامة تلومه علی إساءته فیندم و علامة الندامة جبر ما فات منه إذ الاستغفار وحده لایجدی ما لم تبرز ظاهرة صدقه و هی تدارك مافات منه.
[ صفحه 30]
قوله علیه السلام: «و المسلم الذی یسلم المسلمون من لسانه و یده»
لابد ان صدق إسلامه من ظاهرة تدل علی صحته، و تلك الظاهرة تبرزفی منطقه و سائر أعضائه و جوارحه، و أن یأمن الناس من آفات لسانه و شروره التی هی أكثر من سائر الأعضاء، و من هنا جاء فی العلوی: «ما من شی ء أحق بطول السجن من اللسان». [9] و هو من الأمثال السائرة. ذكره الزمخشری [10] و المیدانی بلفظ «ما علی الأرض شی ء أحق بطول سجن من لسان» [11] .
قال ابن السكیت یعقوب بن إسحاق الشیعی:
یصاب الفتی من عثرة بلسانه
و لیس یصاب المرء من عثرة الرجل
و عثرته فی القول تذهب رأسه
و عثرته فی الرجل تبرأعن مهل
قیل: و من الغریب أنه وقع فیما حذره من عثرات اللسان بقوله المتقدم أن المتوكل قال له یوما أیما أحب إلیك ابنای هذان أی المعتز و المؤید أم الحسن و الحسین؟ فقال ابن السكیت و الله إن قنبرا خادم علی بن أبی طالب علیه السلام خیر منك و من ابنیك، فقا للأتراك سلوا لسانه من قفاه ففعلا فمات فی خامس شهر رجب سنة 244. [12] و لكن جاء «لا خیر فی الصمت عن الحكم كما أنه لاخیر فی القول بالجهل» [13] .
[ صفحه 31]
[1] عيون الأخبار 23:2.
[2] الحشر: 23.
[3] تفسير القمي 360:2.
[4] تفسير الصافي 687:2.
[5] البحار 386:94.
[6] أصول الكافي 25:2.
[7] المصدر.
و قد جاء في أحاديثهم حد الايمان منها رواه الصدوق عن علي بن ابي طالب عليه السلام قال قال: رسول الله - صلي الله عليه و آله -:«الايمان اقرار باللسان و معرفة بالقلب و عمل بالأركان» عيون أخبار الرضا 27:2، باب 31)فيما جاء عن الرضا عليه السلام من الخبار المجموعة). و به و بما ذكر في المتن الكفاية.
[8] أصول الكافي 27:2 و هو حد يث مطول.
[9] الخصال 15:1، باب الواحد، الوسائل 53:8.
[10] المستقصي 324:2. و فيه (من لسان).
[11] مجمع الأمثال 261 - 260/2، حرف الميم.
[12] السفينة 636:1 في (سكت).
[13] الوسائل 531:8.
و لايخفي أن في آخر حديث الرضا عليه السلام: «و ليس منا من لم يأمن جاره بوائقه» قد تكلمنا عنه عند «الجار ثم الدار» المثل السائر و المثل النبوي ذكرناه في الأمثال النبوية 336:1، رقم المثل 217، حرف الجيم مع الألف، و «الأمثال و الحكم العلوية» مخطوط.